مجلة فوق السطوح

جولة التراخيص الاولى وخطرها على الصناعة النفطية الوطنية العراقية.. د. فالح الخياط

Posted on: 28 ديسمبر 2009


في 30 حزيران 2008  ، أعلن وزير النفط ، حسين الشهرستاني ،  في مؤتمر صحفي في بغداد ، عن الحقول النفطية و الغازية العراقية التي تم عرضها على الشركات العالمية،  فيما تم تسميته بالجولة الأولى للتراخيص ، لغرض  التقدم  بعروضها  لتطوير هذه الحقول فيما أطلق عليه بعقود الخدمة طويلة الأجل (LONG TERM RISK SERVICE CONTRACTS – RSC)، وتضمنت القائمة ستة حقول نفطية منتجة و حقلين غازيين مكتشفان و لكن لم يتم تطويرها بعد.

وقد اتخذت خطوات عديدة ومترابطة لاعداد وثائق وصيغ العقود لتسهيل عملية الاحالة المقررة في بغداد  يومي 29 و30 حزيران 2009 عندما تستدعى الشركات الخمسة والثلاثون التي تم تاهيلها مسبقا  لتقديم عروضها لتطوير هذه الحقول .

الحقول النفطية المنتجة الست هي كركوك و باي حسن في الشمال- و يتم إدارتهما و تشغيلهما حالياً من قبل شركة نفط الشمال  – و حقول الرميلة الجنوبي و الشمالي ، حقل الزبير ، و حقل غرب القرنة- المرحلة الأولى ، و الحقول النفطية الثلاث المكونة لحقول ميسان – أبو غرب ، الفكة والبزركان– في الجنوب و يتم تشغيلهما من قبل شركة نفط الجنوب.

يمثل الاحتياطي المثبت لهذه الحقول حوالي (58) مليار برميل او أكثر من( 50%) من  الاحتياطي المثبت لعموم العراق و البالغ (115) مليار برميل . كما أن طافتها الانتاجية تشكل أكثر من 90% من الطافة الانتاجية الحالية للنفط العراقي .

أما الحقلين الغازيين فهما عكاس الواقع في الصحراء الغربية  لمحافظة الأنبار و حقل المنصورية الكائن في محافظة ديالى. يحتوي هذين الحقلين من احتياطي الغاز الطبيعي الحر حوالي (6.3) تريليون قدم مكعب ( معظم الجيولوجين يعتقدون بأن الاحتياطي يمكن صعوده إلى (10)  تريليون قدم مكعب في حالة استمرار عمليات الاستكشاف و التقييم ) , حوالي (45%) من الاحتياطي المثبت للغاز الحر للعراق ، و أن الطاقة الانتاجية الممكنة لهذين الحقلين تبلغ حوالي (650) مليون قدم مكعب في اليوم مما يشكل حوالي (40%) من الطاقة الانتاجية المتوقعة للغاز الحر في العراق  في  حالة تطوير و انتاج حقوله الغازية .

و قد حدد وزير النفط أهداف تطوير الحقول بزيادة الطاقة الانتاجية بحوالي (1.5) مليون برميل في اليوم خلال ثلاث سنوات ، مما يصعد طاقة القطر الانتاجية  في نهايتها من مستوياتها الحالية البالغة حوالي (2.5) مليون برميل في اليوم إلى (4-4.5) مليون  برميل في اليوم باستخدام الأساليب التقليدية في الانتاج ، و من ثم زيادة الطاقة الانتاجية في السنوات الثلاث اللاحقة إلى حوالي (6.0) مليون برميل في اليوم باستخدام أساليب الاستخلاص المدعم . و كذلك زيادة انتاج الغاز الحر لأغراض الاستخدام في التوليد الكهربائي و تصدير الفائض بحوالي (500) مليون قدم مكعب في اليوم خلال الثلاث السنوات الأولى من المباشرة في تطوير الحقلين الغازيين .

لقد تم تحديد التوقيع على هذه العقود  بنهاية شهر حزيران 2009 . و قامت الوزارة مسبقا باعداد وثائق المعلومات و أطر التعاقد و المعطيات الخاصة بهذه الحقول ومعايير واسس تقييم العروض وسلمتها للشركات العالمية لتهيئة عروضها و تقديمها  بما يحقق الموعد  النهائي المتوقع للتوقيع . علما بان  هذه الحقول معروفة و منتجة و تمت دراستها مسبقاً و بكثافة من بعض الشركات العالمية  النفطية الكبرى .

إن إعلان الحقول و صيغة العقود المنوي ابرامها ، قد تم بمعزل عن مصير قانون النفط  و الغاز ألذي  لا يزال يراوح مابين لجنة النفط والغاز التابعة  لمجلس النواب وامانة مجلس الوزراء منتظراً التوافقات بين الكتل السياسية ، و خاصة بين الأحزاب الكردية و الائتلاف الحاكم , لغرض تشريعه . و بغياب هذا القانون فإن الوزارة اعتمدت الصلاحيات المتوفرة لها بموجب القوانين و التعليمات النافذة لتاريخه ولحين صدور القانون ألجديد  . لقد بين  وزير النفط بأنه سيذهب إلى مجلس الوزراء من أجل الحصول على الموافقة النهائية على إحالة العقود قبل إبرامها ، كما بين أعضاء في اللجنة البرلمانية للنفط و الغاز بأنهم طالبوا وزير النفط لاطلاعهم على صيغ و معالم هذه العقود أولاً بأول قبل إبرامها.

ان اطر التعاقد التي اعدتها الوزارة قد تم مناقشتها مع الشركات العالمية , ومن اهم معالم هذه العقود التي تم الحصول على نسخة منها ,  إنشاء  شركات  مشتركة بين الشركات العراقية المنتجة حالياً و الشركات العالمية الفائزة بالعقود لإدارة و تشغيل هذه الحقول ، و  تكون حصة الشركات العراقية فيها لا تتجاوز (25%)  وتستلم الشركات المشتركة ادارة حقولها بعد فترة انتقالية امدها سنة واحدة

لطيلة فترة العقد البالغة (20 ) سنة ،وان الشركة الاجنبية ستقوم بتمويل التطوير والتشغيل ويتم استرداد كلفها من النفط المنتج , و أن مكافئة الشركة المقاولة  REMUNERATION ) ) ستتحقق بعد انتاج نفط اضافي فوق خط شروع محدد وسيتم احتسابها وفق صيغة مرتبطة بالاستثمارات المالية المصروفة .

إن صيغة عقود الخدمة صيغة شائعة في العالم و خاصة في أمريكا الجنوبية . و تكون الشركات المتعاقدة عادة شركات متوسطة الحجم – إذ إن الشركات النفطية العالمية  – و خاصة الكبيرة منها – لا تفضل هذه العقود لأنها لا تسمح لها بإضافة الاحتياطي إلى موجوداتها المعلنة لتحسين قيمة أسهمها في ألاسواق و بالتالي تعظيم موقفها المالي  و تفضل بدل ذلك عقود المشاركة بالانتاج (PSC)  إذ تعتبر هذه الشركات نفسها بأنها منتجة و ليست مقاولة.

إن المفاضلة بين عقود الخدمة و المشاركة في الانتاج قد تثير الكثير من التحفظات و الاعتراضات  . و لكن عند أخذ نظرة موضوعية على كلتا الصيغتين  تبرز الجوانب الإيجابية و السلبية لكل منها . فمثلاً في عقود الخدمة  تكون الشركة المتعاقدة تعمل كمقاول تحت إشراف و سيطرة الجهات المالكة تأخذ ماتصرفه و مكافئتها حسب ما تقوم بانتاجه من كميات و لا علاقة لها بملكية الأحتياطي أو النفط المنتج . في حين أن عقود المشاركة بالانتاج تعني مشاركة في الإدارة و مشاركة في الملكية للاحتياطي و المنتج .

لذا فليس المهم اعتماد أي صيغة من العقود  إن كانت RSC  أو  PSCو لكن المهم  للمالك الحصول على أفضل الشروط و تعظيم الإيرادات و تحجيم الأضرار و الخسائر إلى أقل حد ممكن.

و لكن فوق كل ذلك هنالك صيغة مفضلة أخرى و هي طريقة الإستثمار المباشر . يشترط في اتباع هذه الصيغة أن تكون للدولة موارد مالية كافية او رصيد دولي يمكن بواسطته الإستدانة الميسرة لتمويل الإستثمار . كما يشترط أن تتوفر قاعدة أساسية من الكفاءات الوطنية على الأقل كافية لتنسيق و توجيه هذه العملية ، و  إذا لا تتوفر فعادة تقوم الجهات الحكومية بالتعاقد مع شركات متخصصة في الإستشارات البترولية لمساعدتها و دعمها في عملية تحديد متطلبات التطوير و تهيئة وثائق المناقصات و الإشراف على أعمال الشركات البترولية الخدمية التي سيتم التعاقد معها لتنفيذ عمليات التطوير من حفر و استصلاح و إنشاء المنشآت السطحية للانتاج و النقل و التصدير.

إن صيغة الإستثمار المباشر هي الصيغة المعتمدة  خاصة في الدول النفطية الكبرى في الخليج العربي و فنزويلا و  ليبيا و الجزائر  لإدامة و تطوير الحقول المنتجة و حتى  المستكشفة  او التي لم يتم تطويرها . و في هذه  الصيغة تكون الإدارة و السيطرة و استحصال الإيرادات كلها تحت بيد الحكومة.

إن الوزارة تتجه لتبني عقود الخدمة (RSC)  للتطوير الإضافي في حقول منتجة مسبقاً قد دخل معظمها في الإنتاج منذ حوالي  نصف  قرن ولا تزال تنتج الجزء الأهم من الانتاج الوطني. و منذ قرار التاميم  في عام 1972  و استكماله في عام 1975 فإن انتاج هذه الحقول يتم بإدارة و سيطرة عراقية وطنية 100% و إذا كانت هذه الحقول  تحتاج إلى مشاريع إدامة الانتاج أو زيادته فلماذا لا يتم اعتماد صيغة الإستثمار المباشر و الحفاظ على السيطرة الوطنية الكاملة على هذه الحقول بدلاً من إحالتها إلى شركات أجنبية؟ فهذه حقول غزيرة الاتناج و ذات احتياطي ضخم يمكن بموجبه إدامة معدلات انتاج عالية لعقود قادمة من الزمن وهي ليست حقول ناضبة و في نهاية عمرها لكي يتم إحالتها إلى شركات  تستخدم تقنيات خاصة لتحسين معامل الاستخلاص النفطي منها .

كما ان ابقاء هذه الحقول تحت ادارة وسيطرة المؤسسات الوطنية يمثل احدى الركائز الاساسية للامن القومي. فان هذه المؤسسات بطبيعتها تضمن ديمومة الانتاج تحت كافة الظروف , فلا توجد قوة قاهرة في عرفها , ولقد اثبتت ذلك عمليا في اسوء الظروف – من  حرب وقصف وحصاروانهيار امني وفوضى  – فاي شركة اجنبية ممكن ان تضمن لنا هذه الديمومة؟

كما أن مقومات اعتماد صيغة الاستثمار المباشر متوفرة في العراق في الظروف الحالية . إذ إن الأموال اللازمة للتطوير  يمكن توفيرها بسهولة من الفائض المالي الذي يتمتع به العراق حالياً نتيجة ارتفاع أسعار النفط ماقبل  2009  وانتعاشها الان ، إذ تقدر الإيرادات المالية التي حصلت  عليها الدولة خلال 2008 فقط حوالي  (70) مليار دولار ، في حين أن أعلى تقدير لكلفة إدامة و تطوير الانتاج من هذه الحقول الستة المعلنة للحصول على زيادة في الانتاج تبلغ (1.5) مليون برميل باليوم خلال السنوات الثلاث ما بعد عام 2009  لايزيد عن ( 3- 5 )مليار دولار .

كما أن العنصر الآخر المتمثل بالقاعدة البشرية و التقنية فإن متطلباتها قليلة إذا تم اعتماد  شركات استشارية تقوم بالنيابة و بصيغة مهندس المالك (OWNER ENGINEER-OE) بتنسيق إعداد  التصاميم و الدراسات و دراسة و تقييم العروض و الإشراف على تنفيذ العقود الثانوية التي ستنفذها شركات الخدمات النفطية و الشركات الهندسية و يتم كل ذلك  تحت إشراف و سيطرة مباشرة من قبل الجهات  العراقية الرسيمة ( التي بامكانها ان تزج باكبر عدد من منتسبيها في العمل للتدريب او لاكتساب خبرات اضافية). إن الجهد البشري الوطني المطلوب  في حالة اعتماد تلك الصيغة لا يتعدى متطلبات مهام التفاوض و التنسيق و الإشراف و هو جهد لا يزيد كثيراً عن جهد التفاوض مع الشركات الأجنبية و الإشراف على عملها الذي سيتم إجراءه في عملية إبرام عقود الخدمة المقترحة .

أما من ناحية الظروف الأمنية المحلية فإن الأمر سيان إذا كانت الشركة المقاولة تعمل بموجب عقود خدمة أو تنفذ مقاولات ثانوية في الحفر وتشييد المنشآت  السطحية في أسلوب  الإستثمار المباشر ، إذ كلاهما يتطلب حضور فاعل موقعي لكوادر و معدات الشركات الأجنبية المتعاقدة .

كما إن اعتماد عقود الخدمة الطويلة الأجل في تطوير الحقول النفطية  المنتجة سيعني بالضرورة إنشاء شركة مشغلة لكل حقل نفطي  و إن هذه الشركة تكون حصة العراق فيها  لا تزيد  عن (25%) أي أن الإدارة الفعلية و الموقعية  و صلاحية اتخاذ القرارات التفصيلية واحالة العقود الثانوية  و التحكم بالاجراءات  ستكون بيد الشركة الأجنبية حاملة الجزء الأكبر من الحصص والتي سيكون لها نسبة مؤثرة من الكادر الاداري تتراوح مابين ( 10—15 ) % حسبما نصت عليه وثائق العقود المعلنة حاليا .

كما بينا سابقاً , فإن اثنان من الحقول يقعان في الشمال تحت إدارة شركة نفط  الشمال و أن الأربعة الأخرى تقع في الجنوب تحت إدارة شركة نفط الجنوب . و أن الحقول الواقعة في كل منطقة هي حقول  متداخلة و مترابطة فيما بينها  مع الحقول و المنشآت النفطية الأخرى المجاورة . فمثلاً انتاج حقل الرميلة الجنوبي يتجمع في موقع حقل الزبير حيث يتم خزنه و ضخه مشتركاً مع نفوط  الرميلة الشمالي و الزبير و غرب القرنة و ميسان إلى مرافئ  التصدير .

في حين إذا تم  المضي  بهذه العقود المقترحة فإننا سنرى شركة مشتركة إضافية واحدة على الأقل في الشمال لإدارة و تشغيل حقلي كركوك و باي حسن إضافة إلى شركة نفط الشمال  و أربع شركات مشتركة إضافية أخرى بجانب شركة نفط الجنوب- إذ سنرى استحداث شركة نفط الرميلة و شركة نفط الزبير و شركة نفط غرب القرنة  و شركة حقول البزركان في  ميسان –  ضمن الرقعة العملياتية لشركة نفط الجنوب . و أن إدارة و تشغيل هذه الشركات المشتركة الإضافية ستكون بيد المساهم الأكبر و هي الشركة المتعاقدة الأجنبية كما بينا رغم أن ملكية النفط و المخزون ستكون بيد الحكومة العراقية . إن ذلك يعتبر تخليا كاملا عن السيادة الفعلية على جزء كبير من ثروات العراق النفطية . إذ إن السيادة لا تعني فقط أن الملكية النفطية ستكون للعراق بل تعني كذلك أن الكلمة العليا في سياسات الانتاج و خطط التطوير و التدريب و التجهيز و إصدار التعليمات و اتخاذ الإجراءات  واحالة العقود الثانوية يستوجب ان تكون عراقية ايضا  .

إن استحداث كل هذه الشركات المشغلة الجديدة سيعني تفتيت شركتي نفط الشمال و نفط الجنوب – و كلاهما شركتان عملاقتان توظفان أكثر من (15) ألف منتسب و تنتج أكثر من (2.5) مليون برميل في اليوم و لها خبرة تزيد عن ثلاث عقود في إدارة و تشغيل حقولها النفطية و الغازية و خلال أسوء الظروف من حروب و حصار – و تقليص دورهما إلى شركات شبه قابضة تدير عن بعد حصصها القليلة في الشركات  المشغلة الجديدة و تقتصر في إدارتها على حقول هامشية و متباعدة لم يتم شمولها في قائمة العرض بعد  . كما أن هاتين الشركتين تمثلان المكون الأساسي لشركة النفط الوطنية العراقية (INOC)  المزمع إعادة استحداثها عند صدور قانون النفط و الغاز المرتقب . و نتيجة لتقليص دور و تفتيت هتين الشركتين ستصبح (INOC)  بالضرورة هيكلاً خاوياً  كشركة قابضة تدير و تشرف على حصص ضئيلة في الشركات المشغلة ، إن كل ذلك يعني تنازلاً كبيراً و غير مبرر للجهد الوطني في إدارة حقوله النفطية و تسليمها إلى شركات مشتركة تحكمها و تتحكم بها جهات أجنبية . و تمثل بالحقيقة إنهاء ً مأساوياً لدور شركتي نفط الجنوب و الشمال و (INOC)   التي كانت تعتبر دائماً إحدى ركائز الثروة الوطنية التي لا يمكن التفريط بها.

كما ان الامر سوف لايقتصر على تحجيم الشركات النفطية الوطنية المنتجة، بل سيمتد الى القضاء التدريجي على الشركات الوطنية المختصة بتوفير الخدمات الاساسية للشركات المنتجة – كشركة حفر الابار وشركة الاستكشافات النفطية وشركة المشاريع النفطية – اذ ان هذه الشركات تعتمد على العقود الثانوية التي تمنحها لها الشركات الوطنية المشغلة . وعندما ستكون ادارة الحقول بيد الشركات الاجنبية فان من الامور المحتمة جفاف منح هذه العقود الى الشركات الخدمية العراقية بحجة التنافسية والكفائة وسنعود بذلك سريعا الى الوقت الذي كنا فيه نتعاقد مع المقاولين الاجانب لتنفيذ مشروع بسيط كمد انبوب طوله عشرة كيلومترات والقضاء التدريجي على القابلية الوطنية في بناء الصناعة النفطية والتي تم تكوينها عبر عقود من الجهد والاستثمار والتضحيات .

كما نود أن نشير بأنه خلال العقود الثلاث الماضية كانت كلف انتاج النفط العراقي إن كانت تشغيلية أو رأسمالية من أرخص كلف الانتاج في العالم و حسب تقديرات  رصينة فإنها لم تتجاوز دولارا واحدا لكل برميل. والسؤال هو ما ستكون عليه هذه الكلف في حالة قيام الشركات الأجنبية من خلال عقود الخدمة و من خلال حصة الأكثرية في الشركات المشغلة التي سيتم استحداثها في إدارة و تشغيل الحقول ؟

و كلنا يعرف الكلفة الباهظة  التي تتقاضاها هذه الشركات مقابل اشتغال منتسبيها الأجانب في المواقع و الخدمات الباذخة التي ستوفرها لهم إضافة إلى الكلف التي ستتقاضاها مقابل قيامها بشراء و توفير المعدات و الأجهزة و المواد اللازمة للتشغيل و التطوير  إضافة إلى المكافئة التي ستحصل عليها مقابل انتاج كل برميل أو وحدة غازية . إن ذلك سيؤدي حتماً إلى زيادة الكلف إلى إضعاف مضاعفة و كلها على حساب الشعب العراقي و تستقطع من إيراداته .

آملين أن تكون هذه المقالة رسالة مخلصة للتحذير من مغبة المضي  في التنازل عن حقوقنا الوطنية في السيطرة على إدارة و تشغيل حقولنا المنتجة التي هي مصدر الثروة الأساسي لشعبنا العراقي وضمان مستقبل ابنائه . و إن نشمر سواعدنا في المضي في أسلوب الاستثمار المباشر المدعم فنياً و تقنياً  في تطوير هذه الحقول لكي تكون دائماً مصدر خير و رفاه لبلدنا  وشعبنا الغالي .

وكخطوة اولى وانية , ادعوا كل من يضع مصلحة الشعب العراقي بين عينيه ان يدعوا الى الغاء شمول الحقول النفطية المنتجة من جولة التراخيص الاولى وابقائها تحت السيطرة الوطنية المباشرة .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*  مدير عام دائرة الدراسات والتخطيط في وزارة النفط سابقا

** نشرت في جريدة العرب اليوم الاردنية بجزأين  : الاول بتاريخ 17 حزيران 2009 في الجزء الاقتصادي

الثاني بتاريخ 18 حزيران 2009 في الجزء الاقتصادي

أضف تعليق


  • لا شيء
  • hannah justin: مرحبا اسمي هانا رأيت ملفك الشخصي وأريد أن نكون أصدقاء ، يرجى مراسلتي على البريد ال
  • hannah: مرحبا اسمي هانا رأيت ملفك الشخصي وأريد أن نكون أصدقاء ، يرجى مراسلتي على البريد ال
  • كرم قطب: نفسي اتجوز وسافر اوروبا

التصنيفات